حين يصبح التبرع بوابة النفوذ داخل المستشفيات الحكومية تبرعات كبرى
وأسئلة مشروعة عن النفوذ والحق في العلاج
شيماء الحماقى تتساءل ؟
المقالات المنشورة على مسئولية كاتبها ولا دخل للموقع بما تحتويه فالكاتبة كبيرة ومعروفة وشهيرة وصاحبة رؤية
في توقيتات سياسية واجتماعية حساسة، تبرز ظاهرة تستحق التوقف أمامها طويلًا: توظيف التبرعات داخل المستشفيات الحكومية بما يفتح باب النفوذ غير المعلن، ويثير تساؤلات حول الفاصل الدقيق بين العمل الخيري وحق المواطن في خدمة صحية عادلة لا تمييز فيها.
من العمل الخيري إلى مساحة الرمادية
لا خلاف على أن دعم المستشفيات العامة ضرورة حقيقية في ظل محدودية الموارد.
لكن الإشكالية تبدأ حين يُقدَّم التبرع مصحوبًا بحضور سياسي أو اجتماعي لافت، أو يُستخدم اسمه في الترويج غير المباشر، بما يحوّل الفعل الخيري من دعم للمنظومة إلى أداة تأثير معنوي داخل مرفق عام.
مستشفى شها… مثال يفتح الأسئلة
مؤخرًا، تردّد الحديث عن تبرع والد أحد مرشحي مجلس النواب بدائرة مركز المنصورة لمستشفى شها.
وبغضّ النظر عن النوايا المُعلنة، فإن الواقعة تطرح أسئلة جوهرية:
هل تظل الخدمة الطبية منفصلة تمامًا عن أسماء المتبرعين ومواقعهم؟
هل يشعر المواطن البسيط أن حقه في العلاج مكفول دون وساطة أو «ظهير» اجتماعي؟
من يضمن ألّا يتحول التبرع إلى نفوذ معنوي أو إداري داخل المستشفى؟
هذه الأسئلة لا تُدين شخصًا بعينه، لكنها تدين غياب قواعد واضحة تحمي المرفق العام من تسييس العمل الخيري.
الموظف العام بين الواجب والضغط غير المرئي
في هذا السياق، تتضاعف خطورة استغلال بعض موظفي الدولة لمواقعهم داخل المستشفيات عبر الإيحاء للمرضى أو ذويهم بأهمية «الدعم» أو «التبرع»، خاصة حين يكون الجو العام مشبعًا بأسماء متبرعين كبار أو شخصيات ذات ثقل انتخابي.
النتيجة؟ مواطن يشعر أن العلاج ليس حقًا خالصًا، بل مسارًا تحكمه العلاقات واللافتات والأسماء.
الفقراء هم الخاسر الأكبر
الضحية الأولى دائمًا هم غير القادرين:
مريض لا يملك ثمن الدواء ولا جرأة الاعتراض
أسرة تخشى الشكوى فتُؤجِّل العلاج
مواطن يفقد ثقته في مستشفى أُنشئ أساسًا لخدمته
وهنا يتحول التبرع — مهما كبر حجمه — إلى سؤال أخلاقي:
هل يدعم العدالة الصحية أم يكرّس شعورًا بالتمييز؟
أين الدولة من كل ذلك؟
المطلوب ليس منع التبرعات، بل تحصينها بالقانون والشفافية عبر:
1. فصل كامل بين التبرع وإدارة المستشفى أو تقديم الخدمة
2. إعلان رسمي واضح عن أوجه الصرف دون لافتات دعائية
3. منع استخدام المرافق العامة في أي دعاية سياسية مباشرة أو غير مباشرة
4. محاسبة أي موظف يربط الخدمة الصحية بالتبرع صراحة أو تلميحًا
كلمة أخيرة
المستشفى الحكومي ليس منصة علاقات عامة، ولا ساحة نفوذ انتخابي.
الحق في العلاج لا يُموَّل باللافتات ولا يُدار بالأسماء ، والتبرع الحقيقي هو ذاك الذي لا يترك أثرًا إلا في تحسُّن الخدمة، لا في ميزان النفوذ.
وما لم تُحسم هذه المساحة الرمادية بوضوح، سيبقى السؤال معلقًا: هل ندعم المستشفيات… أم نعيد تشكيلها على مقاس الأقوى؟

مقال مهم لكاتبة محترمة تضغط على أماكن الجروح الخافية في جسد الوطن والتي تنبيء عن مرض عضال لا يرجى شفاؤه إلا بالاستئصال .
ردحذفالمقال صرخة حق قوي في وجه باطل واهن . يحتاج منا إلى التدعيم و شد الأزر .
حفظك الله وسدد خطاكِ كاتبنا الواثقة الشجاعة